كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج البزار وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وصححه، عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: «قلنا يا رسول الله، كيف أسري بك؟ فقال: صليت بأصحابي العتمة بمكة معتمًا، فأتاني جبريل بدابة بيضاء فوق الحمار ودون البغل وقال: اركب، فاستصعبت علي فأدارها بأذنها ثم حملني عليها، فانطلقت تهوي بنا.. يقع حافرها حيث أدرك طرفها حتى بلغنا أرضًا ذات نخل، فقال: انزل. فنزلت فقال: صَلِّ. فصليت، ثم ركبنا فقال: أتدري أين صليت؟ قلت: الله أعلم. قال: صليت بيثرب.. صليت بطيبة، ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها، ثم بلغنا أرضًا فقال: انزل. فنزلت. فقال: صلِّ فصليت، ثم ركبنا فقال: أتدري أين صليت؟ قلت: الله أعلم. قال: صليت بمدين، صليت عند شجرة موسى، ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها، ثم بلغنا أرضًا بدت لنا قصورها، فقال: انزل فنزلت، ثم قال: صَلِّ فصليت، ثم ركبنا فقال: أتدري أين صليت؟ فقلت: الله أعلم. فقال: صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى المسيح ابن مريم، ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني، فأتى قبلة المسجد فربط فيه الدابة، ودخلنا المسجد من باب فيه تميل الشمس والقمر فصليت من المسجد حيث شاء الله، وأخذني من العطش أشد ما أخذني فأُتيتُ بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر عسل، أُرْسِلَ إلي بهما جميعًا فعدلت بينهما، فهداني الله فأخذت اللبن فشربت حتى فرغت منه، وكان إلى جانبي شيخ متكئ على منبره فقال: أخذ صاحبك الفطرة وإنه لمهدي. ثم انطلق بي حتى أتينا الوادي الذي في المدينة، فإذا جهنم تنكشف عن مثل الزرابي فقلنا: يا رسول الله، كيف وجدتها؟ قال: مثل الحمة السخنة. ثم انصرف بي فمررنا بعير قريش بمكان كذا وكذا، وقد أضلوا بعيرًا لهم قد جمعه فلان، فسلّمت عليهم فقال بعضهم: هذا صوت محمد، ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة فأتاني أبو بكر فقال: يا رسول الله، أين كنت الليلة؟ قد التمستك في مكانك. فقلت: أعلمت أني أتيت بيت المقدس الليلة؟ فقال: يا رسول الله، إنه مسيرة شهر فصفه لي. قال: ففتح لي صراط كأني أنظر إليه، لا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم عنه. فقال أبو بكر رضي الله عنه: أشهد أنك رسول الله، وقال المشركون: انظروا إلى ابن أبي كبشة، زعم أنه أتى بيت المقدس الليلة فقال: إن من آية ما أقول لكم: أني مررت بعير لكم بمكان كذا وكذا وقد أضلوا بعير لهم فجمعه فلان، وإن مسيرهم ينزلون بكذا ثم كذا، ويأتونكم يوم كذا وكذا يقدمهم جمل آدم عليه شيخ أسود وغرارتان سوداوان» فلما كان ذلك اليوم أشرف القوم ينظرون حتى كان قريبًا من نصف النهار قدمت العير يقدمهم ذلك الجمل الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن مردويه من طريق قتادة رضي الله عنه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن مالك بن صعصعة حدثه أن رسول الله حدثهم عن ليلة أسري به قال: «بينما أنا في الحطيم وربما قال قتادة رضي الله عنه- في الحجر مضطجعًا، إذ أتاني آت فجعل يقول لصاحبه: الأوسط بين الثلاثة، فأتاني فشق ما بين هذه إلى هذه- يعني من ثغر نحره إلى شعرته- فاستخرج قلبي، فأوتيت بطست من ذهب مملوء إيمانًا وحكمة فغسل قلبي بماء زمزم ثم حشى ثم أعيد مكانه. ثم أوتيت بدابة أبيض دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق، يقع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبريل حتى أتى بي السماء الدنيا فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحبًا به، ولنعم المجيء جاء، ففتح لنا فلما خلصت فإذا فيها آدم فقلت: يا جبريل، من هذا؟ قال: هذا أبوك آدم عليه السلام، فسلم عليه. فسلمت عليه فرد علي السلام ثم قال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح. ثم صعد حتى أتى إلى السماء الثانية فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحبًا ولنعم المجيء جاء. ففتح لنا فلما خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة فقلت: يا جبريل، من هذان؟ قال: هذان يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت عليهما فردا السلام ثم قالا: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح. ثم صعد حتى أتى إلى السماء الثالثة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحبًا به، ولنعم المجيء جاء. ففتح لنا فلما خلصت إذا يوسف فسلمت عليه فرد السلام ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح. ثم صعد حتى أتى إلى السماء الرابعة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحبًا به، ولنعم المجيء جاء. ففتح لنا فلما خلصت إذا إدريس فسلمت عليه فرد السلام ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحبًا به، ولنعم المجيء جاء. فلما خلصت إذا هارون فسلمت عليه فرد عليّ السلام ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد حتى أتى إلى السماء السادسة فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحبًا به، ولنعم المجيء جاء. ففتح لنا فلما خلصت إذا أنا بموسى فسلمت عليه فرد السلام ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح، فلما تجاوزت بكى. قيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي لأن غلامًا بُعِثَ بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي. ثم صعد حتى أتى إلى السماء السابعة فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحبًا به، ولنعم المجيء جاء. ففتح لنا فلما خلصت إذا إبراهيم، قلت: من هذا يا جبريل قال: هذا أبوك إبراهيم فسلّم عليه، فسلمت عليه فرد السلام ثم قال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح. ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا أربعة أنهار يخرجن من أصلها: نهران باطنان: ونهران ظاهران، فقلت: يا جبريل، ما هذه الأنهار ! ؟ فقال: أما الباطنان، فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات، ثم رفع إليَّ البيت المعمور قلت: يا جبريل، ما هذا؟ قال: هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألفًا من الملائكة، إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه، آخر ما عليهم. ثم أُتِيتُ باناءين أحدهما خمر والآخر لبن، فعرضا عليّ فقيل: خذ أيهما شئت فأخذت اللبن فقيل لي: أصبت الفطرة، أنت عليها وأمتك. ثم فرضت عليَّ الصلاة خمسون صلاة كل يوم، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فقال: ما فرض ربك على أمتك؟ قلت: خمسين صلاة كل يوم. قال: إن أمتك لا تستطيع ذلك وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك. فرجعت إلى ربي فحط عني خمسًا، فأقبلت حتى أتيت على موسى فأنبأته بما حط فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فإن أمتك لا يطيقون ذلك. قال: فما زلت بين موسى وبين ربي يحط عني خمسًا خمسًا حتى أقبلت بخمس صلوات، فأتيت على موسى فقال: بم أمرت؟ قلت: بخمس صلوات كل يوم. قال: إن أمتك لا يطيقون ذلك.. إني قد بلوت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك. فقلت: لقد رجعت إلى ربي حتى لقد استحيت، ولكني أرضى وأسلم فنوديت أن يا محمد، إني قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي الحسنة بعشر أمثالها».
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وابن مردويه من طريق يونس، عن ابن شهاب، عن أنس رضي الله عنه قال: كان أبو ذر رضي الله عنه يحدث أن رسول الله قال: «فرج سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله بما زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانًا فأفرغه في صدري ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء، فلما جئنا السماء الدنيا قال جبريل عليه السلام لخازن السماء: افتح. قال: من هذا؟ قال: جبريل. قال: هل معك أحد؟ قال: نعم، معي محمد. قال: أرسل إليه؟ قال: نعم. ففتح، فلما علونا السماء الدنيا إذا رجل قاعد عن يمينه أسودة وعلى يساره أسودة، فإذا نظر قبل يمينه تبسم وإذا نظر قبل شماله بكى، فقال: مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح، قلت لجبريل: من هذا؟ قال: هذا آدم، وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر عن شماله بكى، ثم عرج بي إلى السماء الثانية فقال لخازنها افتح. فقال له خازنها مثل ما قال الأول، ففتح».
قال أنس رضي الله عنه: فذكر أنه وجد في السماوات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم، ولم يثبت كيف منازلهم.
قال ابن شهاب: وأخبرني ابن حزم أن ابن عباس وأبا حبة الأنصاري كانا يقولان: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ثم عرج بي حتى ظهرت بمستوى أسمع فيه صريف الأقلام»
قال ابن حزم وأنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ففرض الله على أمتي خمسين صلاة فرجعت بذلك حتى مررت على موسى فقال: ما فرض الله على أمتك؟ قلت: فرض خمسين صلاة. قال: فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك فرجعت فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فأخبرته فقال: راجع ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجعت ربي فقال: هي خمس وهن خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال: ارجع إلى ربك قلت: قد استحيت من ربي ثم انطلق بي حتى انتهى إلى سدرة المنتهى فغشيتها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها مسك».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله بالمدينة عن ليلة أسري به من مكة إلى المسجد الأقصى قال: «بينا أنا نائم عشاء بالمسجد الحرام إذ أتاني آت فأيقظني فاستيقظت فلم أر شيئا وإذا أنا بكهيئة خيال فأتبعه بصري حتى خرجت من المسجد فإذا أنا بدابة أدنى شبهة بدوابكم هذه بغالكم غير أن مضطرب الأذنين يقال له البراق وكانت الأنبياء تركبه قبلي يقع حافره عند مد بصره فركبته فبينا أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يميني: يا محمد انظرني أسألك فلم أجبه ثم دعاني داع عن شمالي يا محمد انظرني أسألك فلم أجبه فبينا أنا سائر إذا بامرأة حاسرة عن ذراعيها وعليها من كل زينة خلقها الله فقالت: يا محمد أنظرني أسألك فلما ألتفت إليها حتى أتيت بيت المقدس فأوثقت دابتي بالحلقة التي كانت الأنبياء عليهم السلام توثقها بها ثم أتاني جبريل عليه السلام بإناءين أحدهما خمر والآخر لبن فشربت اللبن وتركت الخمر فقال جبريل: أصبت الفطرة أما أنك لو أخذت الخمر غوت أمتك فقلت: الله أكبر الله أكبر فقال جبريل: ما رأيت في وجهك هذا؟ قلت: بينا أنا اسير إذ دعاني داع عن يميني: يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبه قال: ذاك داعي اليهود أما لو أنك لو أجبته لتهودت أمتك قلت: وبينا أنا أسير إذ دعاني داع عن يساري: يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبه قال: ذاك داعي النصارى أما أنك لو أجبته لتنصرت أمتك فبينما أنا أسير إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها عليها من كل زينة تقول: يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبها قال: تلك الدنيا أما أنك لو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة ثم دخلت أنا وجبريل بيت المقدس فصلى كل واحد منا ركعتين ثم أتيت بالمعراج الذي تعرج عليه أرواح بني آدم فلم تر الخلائق أحسن من المعراج ! أما رأيت الميت حين رمى بصره طامحا إلى السماء عجبه المعراج؟ فصعدت أنا وجبريل فإذا أنا بملك يقال له إسماعيل وهو صاحب سماء الدنيا وبين يديه سبعون ألف ملك مع كل ملك جنده مائة ألف فاستفتح جبريل باب السماء قيل: من هذا؟ قال: جبريل قيل: ومن معك؟ قال: محمد قيل: قد بعث إليه؟ قال: نعم فإذا أنا بآدم كهيئته يوم خلقه الله على صورته لم يتغير منه شيء وإذا هو تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول: روح طيبة ونفس طيبة اجعلوها في عليين ثم تعرض عليه أرواح ذريته الكفار الفجار فيقول: روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في سجين فقلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أبوك آدم فسلم علي ورحب بي فقال: مرحبا بالابن الصالح ثم مصيت هنيهة فإذا أنا بأخونة عليها لحم قد أروح وأنتن عندها أناس يأكلون منها قلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء من أمتك يتركون الحلال ويأتون الحرام وفي لفظ: فإذا أنا بقوم على مائدة عليها لحم مشوي كأحسن ما رأيت من اللحم وإذا حوله جيف فجعلوا يقبلون على الجيف يأكلون منها ويدعون اللحم فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الزناة عمدوا إلى ما حرم الله عليهم وتركوا ما أحل الله لهم ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بقوم بطونهم أمثال البيوت كلما نهض أحدهم خر يقول: الله لا تقم الساعة وهم على سابلة آل فرعون فتجيء السابلة فتطؤهم فسمعتهم يضجون إلى الله قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء من أمتك الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بأقوام لهم مشافر كمشافر الإبل قد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواههم صخرا من نار ثم يخرج من أسافلهم فسمعتهم يضجون إلى الله قلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء من أمتك الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بنساء يعلقن بثديهن ونساء منكسات بأرجلهن فسمعتهن يضججن إلى الله قلت يا جبريل من هؤلاء النساء؟ قال: هؤلاء اللاتي يزنين ويقتلن أولادهن ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بأقوام يقطع من جنوبهم اللحم ثم يدس في أفواههم ويقول: كلوا مما أكلتم فإذا أكره ما خلق الله لهم ذلك قلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الهمازون من أمتك اللمازون الذين يأكلون لحوم الناس ثم صعدنا إلى السماء الثانية فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله قد فضل الناس بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب! قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أخوك يوسف ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي ورحب بي ثم صعدنا إلى السماء الثالثة فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى ومعهما نفر من قومهما شبيه أحدهما بصاحبه ثيابهما وشعرهما فسلمت عليهما وسلما علي ورحبا بي ثم صعدنا إلى السماء الرابعة فإذا أنا بإدريس قد رفعه الله مكانا عليا فسلمت عليه وسلم علي ورحب بي ثم صعدنا إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون ونصف لحيته بيضاء ونصفها سوداء تكاد لحيته تصيب سرته من طولها قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا المحبب في قومه هذا هرون بن عمران ومعه نفر كثير من قومه فسلمت عليه وسلم علي ورحب بي ثم صعدنا إلى السماء السادسة فإذا أنا بموسى رجل آدم كثير الشعر لو كان عليه قميصان خرج شعره منهما وإذا هو يقول: يزعم الناس أني أكرم الخلق على الله وهذا أكرم على الله مني ولو كان وحده لم أبال ولكن كل نبي ومن تبعه من أمته قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أخوك موسى بن عمران ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي ورحب بي ثم صعدنا إلى السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم وإذا هو جالس مسند ظهره إلى البيت المعمور ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي وقال: مرحبا بالابن الصالح فقيل لي: هذا مكانك ومكان أمتك ثم تلا إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين آل عمران آية 68 وإذا بأمتي شطرين: شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس وشطر عليهم ثياب رمد ثم دخلت البيت المعمور ودخل معي الذين عليهم الثياب البيض وحجب الآخرون الذين عليهم ثياب رمد وهم على خير فصليت أنا ومن معي في البيت المعمور ثم خرجت أنا ومن معي قال: والبيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا كل ورقة منها تكاد تغطي هذه الأمة وغذا في أصلها عين تجري يقال لها سلسبيل فيشق منها نهران فقلت: ما هذا يا جبريل؟ فقال: أما هذه فهو نهر الرحمة وأما هذا فهو نهر الكوثر الذي أعطاكه الله فاغتسلت في نهر الرحمة فغفر لي من ذنبي ما تقدم وما تأخر ثم أخذت على الكوثر حتى دخلت الجنة فإذا فيها ما لا عين رأت وما لا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وإذا أنا بأنهار من ماء غير آسن وأنها من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى وإذا فيها رمان كأنه جلود الإبل المقتبة وإذا فيها طير كأنها البخت قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله إن تلك الطير لناعمة؟ قال: آكلها أنعم منها يا أبا بكر وإني لأرجو أن تأكل منها قال: ورأيت فيها جارية لعساء فسألتها لمن أنت؟ فقالت: لزيد بن حارثة فبشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا ثم عرضت علي النار فإذا فيها غضب الله وزجره ونقمته ولو طرح فيها الحجارة والحديد لأكلتها ثم غلقت دوني ثم إني رفعت إلى سدرة المنتهى فتغشاها فكان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى ونزل على كل ورقة ملك من الملائكة ثم إن الله أمرني بأمره وفرض علي خمسين صلاة وقال: لك بكل حسنة عشر وإذا هممت بالحسنة فلم تعملها كتبت لك حسنة فإذا عملتها كتبت لك عشرا وإذا هممت بالسيئة فلم تعملها لم يكتب عليك شيء فإن عملتها كتبت عليك سيئة ثم دفعت إلى موسى فقال: بم أمرك ربك؟ قلت: بخمسين صلاة قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا يطيقون ذلك فرجعت إلى ربي فقلت: يا رب خفف عن أمتي فإنها أضعف الأمم فوضع عني عشرا فما زلت أختلف بين موسى وبين ربي حتى جعلها خمسا فناداني ملك: عندها تمت فريضتي وخففت عن عبادي فأعطيتهم بكل حسنة عشر أمثالها ثم رجعت إلى موسى فقال: بم أمرت؟ قلت: بخمس صلوات: قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قلت: قد رجعت إلى ربي حتى استحييته ثم أصبح بمكة يخبرهم العجائب: إني رأيت البارحة بيت المقدس وعرج بي إلى السماء ثم رأيت كذا وكذا فقال أبو جهل: ألا تعجبون مما يقول محمد؟ قال: فأخبرته بعير لقريش لما كانت في مصعدي رأيتها في مكان كذا وكذا وإنها نفرت فلما رجعت رأيتها عند العقبة وأخبرتهم بكل رجل وبعيره كذا ومتاعه كذا فقال رجل: أنا أعلم الناس ببيت المقدس فكيف بناؤه وكيف هيئته وكيف قربه من الجبل؟ فرفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المقدس فنظر إليه فقال: بناؤه كذا وهيئته كذا وقربه من الجبل كذا فقال: صدقت».